بعض المغالطات والإشاعات روجت حول كسوف 8 أبريل 2024، من قبيل أنه ظاهرة فريدة لا تتكرر إلا نادرا، حيث ستحجب فيها الشمس عن الأرض لمدة ثلاثة أيام متواصلة، وأبعد من ذلك هناك من ربط هذا الكسوف وقبله الخسوف الذين وقعا معا في شهر رمضان بعلامات ظهور المهدي المنتظر وقيام الساعة. وأنا لست هنا لأدحض مثل هذه الأفكار، وإنما لأسلط الضوء كسوف آخر سيكون فريدا من نوعه بالنسبة لي شخصيا وبالنسبة لنا في المنطقة العربية بشكل عام، ولكن قبل ذلك لابد من التوضيح أن كسوف الثامن من أبريل، ما هو إلا واحد من الكسوفات الكلية التي يشهدها عالمنا باستمرار، حيث يزيد عدد الكسوفات المحتمل حدوثها في ما تبقى من سنوات القرن الواحد والعشرين، عن خمسين كسوفا كليا، وأكثر منها من الكسوفات الجزئية والحلقية، وسيجب القمر خلاله أشعة الشمس عن أجزاء من سطح الأرض، ولن يكون مرئيا في المنطقة العربية كما يدعي البعض، بل ستكون ذروته في المكسيك، كما سيشاهد كليا كذلك في بعض الولايات الأمريكية وبعض الأجزاء من شرق كندا. فيما سيرى جزئيا في باقي أجزاء أمريكا الشمالية.
أما الكسوف الكلي الذي سيشغل بال المنطقة العربية بشكل غير مسبوق، والذي يحق لنا أن نُطلق عليه «كسوف شمال إفريقيا» أو «كسوف المنطقة العربية»، هو ذلك الذي سيحدث يوم 2 غشت من سنة 2027، والذي سيبدأ من المحيط الأطلسي، ليرى أولا من طرف سكان أقصى شمال المغرب وجنوب إسبانيا، حيث ستختفي الشمس كليا عن الأنظار في مدينة طنجة مثلا لمدة تقارب خمس دقائق (4m:51s) بدءا من الساعة 9h :44m بتوقيت GMT+00، لتبقى فقط هالة ضوئها المنبعث من وراء القمر، قبل أن تعود للظهور التدريجي مجددا.
وسيُرى الكسوف الكلي تدريجيا بعد ذلك في شمال كل من الجزائر و تونس و ليبيا. لكن ذروته سيشاهدها سكان وزوار محافظة الأقصر بمصر لمدة (6m:23s) بدءا من الساعة 11h :03m بتوقيت GMT+00، فيبدأ بعد ذلك بالتراجع عابرا البحر الأحمر.
وتبقى مشاهدة هذا الكسوف الكلي ممكنة كذلك في الجنوب الغربي للسعودية، ثم اليمن، حتى يعبر خليج عدن والجزء الشمالي الغربي من الصومال، لتظهر الشمس كاملة في نهاية هذه الظاهرة الفلكية، من وسط المحيط الهندي.
فيما سيرى الكسوف جزئيا في أغلب دول إفريقيا (باستثناء دول جنوب القارة)، بالإضافة إلى دول غربي أوروبا وآسيا، وتختلف مدته حسب القرب أو البعد من منطقة الذروة ومسار الكسوف الكلي، حيث ستصل أطول مدة بالأقصر، إلى ساعتين وست وأربعين دقيقة.
شخصيا لم يسبق لي أن شاهدت كسوفا كليا، رزقنا الله وإياكم الصحة العافية حتى نعيش جميعا هذه اللحظات الرائعة إن شاء الله.