ماذا لو استمررنا في الحفر بشكل عمودي ومستقيم، لننشئ بئرا تخترق الأرض كلها، فأين سنخرج في الجهة المقابلة للكرة الأرضية؟
علميا هذا غير ممكن، وحتى إن توفرت عمليا كل الإمكانيات لذلك، فإن درجة الحرارة والضغط في مركز الأرض كبيران جدا لدرجة كل العناصر الطبيعية توجد على شكل صهارة، والاستمرار في الحفر يجعلنا نفكر في انفجار هائل تنتج عنه زلازل وبراكين مدمرة.
لكن هذه الفكرة لابد أن تكون راودتك من قبل، أو تراودك بين الفينة والأخرى، خصوصا عندما تعلمت أن الأرض كروية الشكل. وتتكرر بعد ذلك بأشكال مختلفة.
أتذكر عندما كنا ندرس في أحد مستويات الإعدادي كان يشغل بالي سؤال ذو صلة بكروية الأرض من جهة والصلاة نحو الكعبة المشرفة من جهة أخرى، فكنت أقول مع نفسي: كل نقطة فوق سطح الأرض لها اتجاهان متعاكسان يوصلان معا إلى الكعبة، ويستقبل المسلم القبلة دائما من الاتجاه الأقرب إليها، فماذا عن الذين يتواجدون في النقطة المقابلة تماما للكعبة في الجهة الأخرى للأرض؟ فكل الاتجاهات هناك تؤدي إلى الكعبة المشرفة وبمسافات متساوية (باعتبار الأرض كروية لا بيضاوية)، وكان هذا الأمر يشكل معضلة بالنسبة لعقلي الصغير، ولم تكن آنذاك إمكانية البحث عن المعلومة متوفرة كما هي اليوم.
رجحت فكرة أن ثلثي مساحة سطح الأرض تغطيها مياه البحار والمحيطات، أن تكون المنطقة موضوع تساؤلي تقع وسط البحر، ولازمتني هذه الفكرة إلى أن أحضر لنا أستاذ مادة الاجتماعيات، في درس من الدروس، مجسم الكرة الأرضية إلى القسم، وانفلتت إليها بعد أن انتهت مجموعتنا من القيام بالواجب المطلوب، حيث بحثت عن موقع مكة المكرمة، ووضعت عليه سبابة إحدى يدي وسبابة اليد الأخرى على الجهة المقابلة، لأجد هذه الأخيرة وقعت على منطقة تتوسط المحيط الهادي بين قارتي استراليا وأمريكا الجنوبية.
هذه الفكرة ذكرني بها ابني يوم أمس عندما سألني نفس السؤال، أي في أي منطقة من الأرض سنخرج لو تخيلنا أننا اخترقتا الأرض من مركزها انطلاقا من هنا، من مدينة طنجة؟
فكان ابني كأقرانه من جيل اليوم أكثر حظا مني ومن أبناء جيلي، حيث بحثنا معا عن الجواب عن تساؤله في نفس اللحظة، بفضل خدمة الإحداثيات التي تقدمها google عبر خرائطها، فأخذنا نقطة من مدينة طنجة كمثال (وسط مدار كاسطيا)، فكانت إحداثيتاها كالتالي: 35.767388, -5.814750
أي 35.767388 درجة شمال خط الاستواء (إحداثية العرض).
و -5.814750 درجة غرب خط غرينتش(إحداثية الطول).
وهذا يعني أن إحداثيتي النقطة المقابلة لمركز مدار كاسطيا هي النقطة التي إحداثيتاها: -35.767388, 174.18525
أي -35.767388 جنوب خط الاستواء، وحصلنا عليها فقط بتحويل إحداثية العرض من الموجب إلى السالب.
و 174.18525 شرق خط غرينتش، حصلنا عليها بإضافة 180 درجة إلى إحداثية الطول.
وعند بحثنا عن هذه النقطة في خرائط google وجدناها توجد بالقرب من مدينة اسمها، Whangarei توجد في دولة نيوزيلاندا، وفيما يلي رابطها:
https://goo.gl/maps/z24AV2YarsxfhoBm6
10 غشت 2020
فعلا العلم تطور الآن فقد صار بإمكاننا اليوم- ليس فقط التعرف على إحداثيات نقطة ما على سطح الكرة الأرضية- بل حتى إحداثيات نجم ما أو جرم في السماء. هناك برامج جميلة تتيح لنا فتح نافذة على الفضاء الخارجي للتعرف على كل جزء منه بالتفصيل وبشكل مباشر، بحيث أي نجم يخطر على بالك أو كوكب يحدد البرنامج موقعه بالنسبة لك، وكذا منزلته أو برجه والمجموعة التي ينتمي إليها. أيضا تتيح هذه البرامج تتبع مسارات محطة الفضاء الدولية أو أقمار صناعية بشكل مباشر للمهتمين بها.
أدعو أطفالنا وشبابنا الصغار بل حتى الكبار لتحميل هذه التطبيقات لأنها ستفتح لهم الآفاق للتأمل وللتفكير ولم لا للحلم لتحقيق ما وصل إليه رواد الفضاء من قبل.
هذه أمثلة لهذه التطبيقات لو لم يكن في ذكرها أي مانع:
SkyMap
SkyViewFree
ISS Detector
التطبيق الأخير خاص بتتبع محطة الفضاء الدولية والاقمار الصناعية وتحديد توقيت تواجدها في سماء المدينة التي نتواجد بها.
اتضح، أستاذة، أننا نتشارك الفضول نفسه بخصوص التطبيقات التي تهتم بالفضاء…
وبخصوص ISS Detector، فقد سبق لي أن دردشت عبر الواتساب حول طريقة استخدامه مع أحد تلاميذي، وجمعت مضمون تلك الدردشة في فيديو هذا رابطه على اليوتوب:
https://www.youtube.com/watch?v=JeRyPFhOdqQ
هي تطبيقات جميلة (بديلة) تتيح الاتصال بالسماء ومحاولة قراءتها وفهم رسائلها…فالأمر مرتبط بفطرة الله فطر الناس عليها ، أقول بديلة لأنه لاغنى عن الأصل..
يحضرني قول شاعر، بما أننا في أيام القر :
اذا ما البدر تم مع الثريا…أتاك البرد أوله الشتاء
فالثريا – كما نعلم- منزلة من منازل القمر، إذا ما اقترن هذا الأخير بها بعد اكتماله حل موسم البرد والقر، وهذا الاقتران لايكون الا مرة في السنة. فمن أخبر هذا العربي بهذه الحقيقة إن لم يكن طول مراقبته للسماء؟
كثير من الأسئلة لانجد لها جوابا إلا هناك في الأعلى، ..ولو ربينا أبناءها بالخصوص على تخصيص ساعة للتأمل والبحث في هذا المجال لانحلت الكثير من المشاكل والعقد .
اطلعت على رابط الدردشة، فكرة خلق حوار معرفي بين أستاذ وتلميذه ممتازة، الدردشة أحالتني إلى فكرة لمقترح: إنشاء نادي في المؤسسة يبحث وينتج برامج حوارية تهم كل مايخص علم الفلك، وذلك بشكل مبسط.
أعجبتني العبارة الواردة في الجزء الأخير من التعليق:
«ولو ربينا أبناءها بالخصوص على تخصيص ساعة للتأمل والبحث في هذا المجال لانحلت الكثير من المشاكل والعقد.»
فكرة إحداث ناد فكرة جيدة، يمكن أن تكون حافزا لاكتشاف ميولات التلاميذ نحو هذا المجال.